عاشق حبيب عمرى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

عاشق حبيب عمرى

عاشق حبيب عمرى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
عاشق حبيب عمرى

ملتقى الصفوه


    نساء على الرصيف

    اجمل ذكرى
    اجمل ذكرى
    مدير اداره المنتدى
    مدير اداره المنتدى


    نقاط : 1329
    عدد المساهمات : 310
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010
    العمر : 40
    الموقع : الاداره

    نساء على الرصيف Empty نساء على الرصيف

    مُساهمة  اجمل ذكرى السبت 1 مايو 2010 - 0:50

    نساء على الرصيف 1_0
    يُقيمن في العراء، وعلى أرض قاسية كقلوب الذين ألقوا بِهن إلى هذا المصير، رُفقائهن من الكلاب والقطط الضالة، الأقمشة البالية التي لا تتحمل برودة الشتاء ولا حرارة الصيف هي كسوتهن وغطاؤهن، نومهن بنصف عين لحراسة ما تبقى لهن من أشياء يخفن عليها؛ عن السيدات اللاتي بلا مأوى أو سيدات الرصيف أتحدث.. فهذه الكلمات هي أبسط ما يصف حالتهن، وما يُعانين من مأسٍ ومصاعب في الحياة.

    بحثت عن مثل هذه الحالات بأكثر من مكان بالقاهرة، جلست إليهن واستمعت لمشاكلهن، لعلها تصل إلى مسامع أي مسئول يهمه -فعلاً- كرامة أبناء هذا الوطن.

    الزواج التقليدي دفعها إلى الشارع

    على رصيف قريب من مجلس الشعب؛ وجدتها نائمة محتضنة ابنتها يغطيهما غطاء مهلهل، اقتربت منهما فانتابتهُما رجفة شديدة ظناً منهما أنني جئت لطردهن، وبعد أن هدأتا، قالت الأم (40 عاما) والتي تدعى سناء: "كان زواجي تقليديا، فقد وافق أبي على أول عريس تقدم للزواج مني رغم أن عمري لم يكن يزيد وقتها على 15 سنة، وعمر العريس كان قد تجاوز الخمسين عاماً، ومتزوج من سيدة أخرى".

    أضافت والدموع تنهمر من عينيها: "منذ اليوم الأول لزواجي اكتشفت أنني مجرد خادمة للزوجة الأولى وأولادها، وقبلت بالأمر أملاً في تحسن الظروف خاصة مع حدوث الحمل الأول وإنجابي لطفلتي الوحيدة، ولكن هذا لم يحدث بل زادت المصاعب، وطلب مني زوجي الخروج للعمل، فرفضت خاصة مع تدهور حالتي الصحية بسبب الأعباء المنزلية، ورفض أبي أي شكوى مني تجاه زوجي، وبعد أربع سنوات من الزواج طردني شرّ طردة، ورفض أبي أن يستقبلني أنا وطفلتي، فلم أجد مأوى سوى الرصيف، وتركت المنطقة التي كنت أسكن بها بمنشأة ناصر، وحضرت منذ 10 سنوات للإقامة على الرصيف بجوار الوزارات ومجلس الشعب، فربما يعطف على أي مسئول، ويوفر لي سكناً يحميني، ويحمي ابنتي التي تبلغ من العمر 12 عاماً".

    وأشارت إلى أنها لا تملك من حطام الدنيا سوى غِطاء من القماش المتهالك وجلبابان بنفس الحالة، واحد لها والآخر لابنتها، وتوفر الطعام من التسول على المطاعم ومحلات المأكولات، وتعاني المطاردات بشكل دائم خاصة عند مرور مسئول كبير، فيتم طردها من الرصيف، وتختبئ بأي منزل مجاور لها..

    وقالت: "تعرضت لتحرشات كثيرة خاصة أن البعض ينظرون إلى سيدات الرصيف وكأنهن مثل الكلاب الضالة، وقد أصبت بجرح في وجهي؛ عند مقاومتي لشخص حاول اغتصابي بعد محاولته خطفي وأنا نائمة على الرصيف، وأعيش في رعب دائم على ابنتي كلما ظهرت عليها علامات الأنوثة والبلوغ، لذلك أنام بنصف عين لحراستها".

    نساء على الرصيف 3_2


    جحود الأبناء والحرمان من الأحفاد

    تركْت "سناء" وتجولت بالشوارع حتى وصلت إلى ميدان "السيدة زينب" وهناك وجدت سيدة عجوز لا تقوى على رفع رأسها؛ بعد أن كسرتها قسوة الزمن وأذلتها الهموم ونهشت جسدها، انفجرت في الحديث شاكية تقلبات الزمن؛ فقد كانت لها أسرة وبيت هادئ حيث كانت تقيم بنفس الشارع الذي تقيم حالياً على رصيفه، وعندما توفي زوجها لم يتحملها أولادها الثلاثة ولا زوجاتهم، فطردوها من المنزل إلى دار مسنين مجانية، لم تتحمل المعيشة بها لتخرج إلى الرصيف لعل أولادها يعطفون عليها يوماً، ولكن لم يحدث، وأصبح الرصيف مقراً لها منذ 8 سنوات؛ تتسول نظرة عطف من أحفادها الذين لا يعرفونها، بعد أن أبلغهم آباؤهم أنها توفيت.

    أضافت السيدة وتدعى فاطمة: "أشعر بمرارة الجحود، وأتمنى الموت كل لحظة، وكلما صعدت لأبنائي، وأطرق أبوابهم يتهربون مني، ونسوا أنني قمت بتربيتهم، وحرصت على إلحاقهم بالتعليم رغم حالة الفقر التي كنا نعيش فيها، وكنت أوثرهم على نفسي من أجل توفير احتياجاتهم، وأعيش حاليا على مساعدات مريدي مسجد ومقام السيدة زينب، ولا أتذوق اللحم سوى في الأعياد فقط".

    الهروب من المنوفية إلى رصيف محطة القطار

    في منطقة رمسيس، وبجوار محطة السكة الحديد التقيت مع سيدة تجلس بجوار مقلب قمامة؛ تبحث فيه عن لقمة تطفئ نار جوعها، قالت هذه السيدة واسمها منى: "حضرت على ظهر قطار من إحدى قرى محافظة المنوفية؛ بعد أن خدعني زوجي، واستغل جهلي بالقراءة والكتابة وقام بتجريدي من جميع مستحقاتي، وطردني من المنزل وطلّقني بعد أن أخذ أبنائي الأربعة وحرمني من رؤيتهم؛ لأنني يتيمة الأب والأم؛ لم يتحملني أحد من أقاربي، فهجرت القرية إلى القاهرة للبحث عن أي مهنة أعمل بها، ولكنني لم أجد، ولم أستطع توفير نفقات سكن أقيم به، فلجأت للرصيف، وأحاول توفير طعامي من أكوام القمامة، وقد شاهدت زوجي وابنائي ذات مرة منذ عام في أحد القطارات ولكنني لم أجرؤ على الاقتراب منهم حتى لا يتبرؤون مني، ولا أظن أن الأبناء يمكنهم التعرف عليّ الآن خاصة أنني تركتهم وهم أطفال، وقد التحقوا حالياً بالمدارس والجامعة؛ كما أخبرتني سيدة من القرية، التقيتها بالمصادفة بمنطقة رمسيس".

    نساء على الرصيف 2_4



    اغتصاب وزواج من مسجل خطر

    "سحر" امرأة في الثلاثين من عمرها؛ قادها التفكك الأسري إلى الإقامة على أحد أرصفة منطقة وسط البلد، قالت: "تركت منزل أسرتي قبل 14 عاما -وكنا نقيم بمنطقة صفط اللبن- بعد وقوع الطلاق بين أبي وأمي، وتزوج أبي من سيدة قاسية جدا فلم أتحمل البقاء معها، وعندما قررت الذهاب إلى أمي، لم يقبلني زوجها أيضا، فقررت الخروج إلى الشارع الذي أواجه فيه كل أنواع العذاب، فعلى الرصيف تعرضت للاغتصاب أكثر من مرة، وتزوجت عرفياً من أحد المسجلين خطر، والذي اختفى بعد عامين من الزواج، وتركني وأنا حامل ليخرج طفلي إلى الدنيا ولا يعرف عن أبيه شيئا. أحاول العمل في بيع المناديل على الرصيف، ولكني لا أسلم من المطاردات بتهمة التسول، وفي أحيان كثيرة قد يمر أكثر من يومين بدون طعام أتناوله أو أوفّره لابني الصغير".

    ضعف التمويل يمنع من توفير دور إيواء

    المصيبة الأكبر بعد الاستماع إلى مشاكل سيدات الرصيف؛ ما صرحت به "ابتهاج عبد القادر" -المدير العام السابق للإدارة العامة للأسرة والطفولة بوزارة التضامن- حيث أكدت على ضعف التمويل الخاص بإنشاء دور إيواء لهذه الفئة من السيدات، وبالتالي فالشارع هو المأوى الوحيد لهن.


    الحالات التي حاولت رصد مأساتهن، ليست هي الوحيدة الموجودة فقط على الأرصفة، ولكن مثلهن الكثيرات بلا مأوى، يفتقدن إلى أدنى شعور بالأمان، تكالبت عليهن كل الظروف، فيعانين جحود الأهل والأبناء وتجاهل المسئولين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 19 مايو 2024 - 11:40