آه يا بلد مواسيرها ضاربة!

جاء خبر انفجار خطوط مياه الشرب الرئيسية في القاهرة الجديدة و6 أكتوبر
ليكون التفسير الوحيد المنطقي لانقطاع المياه في المرج بالخمس والست
ساعات يوميا في عز رمضان..

تقول لي وإيه العلاقة بين القاهرة
الجديدة و6 أكتوبر والمرج.. وإيه اللي جاب القلعة جنب البحر؟ أجيبك بأنه
الطريق الدائري يا عزيزي كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر
الأعضاء بالسهر والحمى!!.

ولقد زادت الحمى الحكومية حتى أصبحت حمى
وبائية.. ويأتي الانقطاع المستمر للمياه والانقطاع المستمر للكهرباء ليكون
آخر طوبة في البناء المتهدم للإنجازات الحكومية ومشروعات البنية التحتية
التي صدّعوا رؤوسنا بها على مدى عقود، ويصبح كلام الليل يا مدهون بزبدة
يطلع عليه الصيف يسيح..

جبت سباك يصلح لي ماسورة بتنقط ما عرفش.. باقول له:

- شكرا، هاشوف حد تاني..
قال لي:
- لا يمكن ماحدش هيدخل شقتك غيري..
- طب صلّحها.
- مش عارف..
- طب سيبني أصلحها..
- لألألألألأ..
- طب هنعمل إيه دلوقتي..
- هنقطع المية عشان التنقيط..
- طب هنشرب إزاي؟؟؟؟
- مش مهم.. المهم الماسورة ما تنقّطش!!!.

هي
دي طريقة الحكومة الذكية في التعامل مع مشاكلنا.. طب مش عارفين تحلوا
مشاكلنا قولوا.. وربنا مش هيضيعنا.. هييجي اللي يحلها لنا.. ولّا هو اللي
خلقكم ما خلقش غيركم؟؟

تتعامل الحكومة المصرية مع الشعب "بتاعها" بنظام جوز الأم.. عايش
واكل شارب قابض ناهب.. ومفروض عليك.. لا بيرحم ولا بيسيب رحمة ربنا تنزل..
لا بيعمل بلقمته ولا سايب المركب تمشي..

إنتم عارفين المشكلة فين؟؟
المشكلة في غياب المحاسبة.. مافيش حد بيتحاسب ومافيش حد بيحاسب.. فأي مسئول
بيغلط وهو عارف إنها هتعدي.. كده كده هتعدي.. بيتولى مسئوليات هو غير كفء
لتوليها، ولكن لا يوجد تقييم أداء ولا مراقبة ولا متابعة ولا محاسبة عند
الخطأ.. واللي أكبر مني يمشّيني..

أليس من المفروض أن يكون أداء
الحكومة محل تقييم من جانب المواطنين والممثلين عنهم في مجالسهم النيابية
-أقول الممثلين عنهم مش الممثلين عليهم- فإذا كان هناك مسئول غير قادر على
إيجاد حلول لمشكلات عمله فليتنحّ -من الفعل "تنحّى" مش الفعل "تنّح"-
وليتفضل على جنب وفيه غيره آلاف عندهم نفس الكفاءة.. والله فيه، وربنا
هيعوضنا عن فقدانه، وهيصبّرنا على بُعده، وربنا كبير..

فإذا لم يكن
عند حكومتنا الذكية حل إلا قطع المياه باستمرار بسبب زيادة الاستخدام
فشكرا.. بالتأكيد توجد خطط أكثر منطقية وأفضل لاستغلال مياه النيل، وتحسين
الشبكات، وخطط ترشيد، ومساواة في توزيع المياه..

وإذا لم يكن عند
حكومتنا الذكية حل عند زيادة الأحمال على شبكات الكهرباء إلا قطع التيار عن
معظم المناطق فشكرا.. هذا حل غير فعال ويؤثر على المواطن، وبالتأكيد هناك
حلول أخرى سيجدها غيركم فتفضلوا وسيبونا نجرّب لعل وعسى..

وإذا لم
يكن عند حكومتنا الذكية إلا رفع الأسعار ووضع رأسها في الرمال عند استغلال
التجار للمواطن والمنافسة على تفليسه، فشكرا بالتأكيد هناك إمكانيات لم
تفكّر الحكومة في استغلالها، وبالتأكيد هناك من لديه خطط أفضل للحفاظ على
كرامة المواطن وعدم سحقه تحت عجلات قطار الأسعار المسرع..

وإذا لم
يكن عند حكومتنا الذكية إلا تجويع الموظفين وعدم صرف رواتبهم بالشهور
والتقصير في دفع مستحقاتهم، وعدم القدرة على مواجهة رجال الأعمال الذين
يغسلون ويعصرون ويجفّفون العاملين في شركاتهم، فيمكنها أن تستقيل وتفسح
المجال لمن هو أكثر خبرة وقدرة على الحفاظ على المواطن ورعايته وتوفير
احتياجاته..

وإذا لم يكن عند الحكومة الذكية لتوفير موارد للدولة
إلا زيادة الضرائب وإضافة الأعباء على المواطن فيمكنها ببساطة أن تنسحب
ليحل محلها من هو أكثر مهارة وحرفية وخبرة اقتصادية في توفير وتنظيم وتوزيع
موارد الدولة بصورة أفضل..

باختصار نموذج "جوز أمي أقول له يا عمي"
ده كان فيه وخلص.. والشعب وصل لمرحلة من الوعي ومرحلة من الغليان ومرحلة
من الطهقان بحيث لم يعد يحتمل حماقات أوردته المهالك.. وحلول التفافية وخطط
عشوائية وتصرفات بهلوانية..

ولما توصل لمرحلة يا أمي يا جوز أمي، فأمي عندي أهم مية مرة من الراجل اللي اتجوزها غصب عنها وعننا، وهيضيّعها ويضيّعنا..

ولا إيه يا رجالة؟؟ مصر ولّا الحكومة؟؟!!