إلى من ستوجه إسرائيل سكينها بعد ذلك؟!
جزء جديد من فيلم الرعب الأزلي.. الدمية القاتلة التي تقوم بدورها إسرائيل
"اللي قد كده وبتعمل كل ده".. وبقية الأدوار أيضا كما هي.. دور
"الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي" طبعا عارفينه المصري الحزين، ودور
"الأسف العميق" وطبعا عارفينه الأمريكي المتأسف، ودور "إزاي كده ما يصحش"
الأوروبي المندهشششش..
الدمية القاتلة قتلت 19 نفسا في عرض البحر
وفي منطقة محايدة هي منطقة المياه الدولية؛ حيث لا يملك أحد استخدام القوة
فيها، وإلا اعتُبرت قرصنة دولية.. ولكن بلطجي الشرق الأوسط يعتبر كل هذا
مجرد شكليات..
على الفور بدأت فترة الإعادة المملة لأحداث أي فيلم
سابق.. خرج بيان هزيل جدا بحسب وصف الخبراء من وزارة الخارجية المصرية
التي أدانت "أعمال القتل" التي قامت بها إسرائيل أثناء هجومها على سفن
أسطول الحرية، ولاحظ معي أن الإدانة ليست للهجوم، ولكن لما تم أثناء
الهجوم من قتل 19 "فرخة".. وخرجت سيدة العالم زعيمة الحرية والديمقراطية
وحقوق الإنسان.. لتعرب عن "أسفها العميق" وتنتظر "توضيحات" بشأن "ما جرى"
على متن السفن، هكذا "ما جرى"، وكأن الصور والفيديوهات واعترافات الجيش
الإسرائيلي نفسه، كل هذا مجرد شيء "جرى" ينتظر التوضيحات..
الجديد
أنه لا جديد.. حيث لم تحمل بقية الفيلم أي قدر من الإثارة أو التغيير عن
نفس السيناريو المعاد المكرر الممل السخيف الذي نشاهده باستمرار مع كل
هجوم للدمية القاتلة.. الذي ينتظر التوضيحات عرقل مطالبة بيان مجلس الأمن
بفتح تحقيق في الأحداث، وعطّل مشروع قرار إدانة للبلطجي.. وحامل عبارة
"الانتهاكات الصارخة" ظل يكررها ويكررها وكأن شريطه سفّ دون أي تفعيل..
والضحايا..
وما أدراك ما الضحايا.. مجرد أرواح لم تفكّر يوماً أنها من الممكن أن تموت
بهذا الشكل، مجرد نماذج بيضاء طاهرة لإنسانية الإنسان.. خرجوا من بيوتهم،
وتركوا أعمالهم، وأسرهم؛ لا لمصلحة أو لبيزنس، ولكن فقط لمناصرة الإنسان
في مكان يعجّ بالآلام.. إنسان غالباً ليس لهم به سابق معرفة.. إنها قيمة
فقط تتحرك على الأرض، وماذا يمكن أن تعادي الهمجية والوحشية وانعدام
الإحساس إلا القيم الحية والنفوس الحرة..
وهكذا أُزهقت 19 نفساً لا
ندري بأي ذنب قُتلت.. وهكذا وقف ضمير العالم لم يتجاوز حد الاندهاش،
وتقطيب الحواجب، ومصمصة الشفاه ليوم واحد.. ثم.. ثم لا شيء..
يتملكنا
الإحباط من عالم لم يعد لديه ضمير.. من شعارات جوفاء يرددها حكام العالم
الحر، وهم أول من يدوسون عليها إذا تعارضت مع مصالح أو جلبت عليهم
تهديدات.. العالم الحر الذي إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم
الضعيف سلخوه.. العالم الحر الذي اكتفى من الحرية بتمثال في ميدان، وخطاب
رنان..
أما أوروبا المسكينة التي تكتفي دوما بدور "بركة البيت"،
فلا تنتظر منها دوراً أكبر.. وإن أمّة تقبل قانوناً بتجريم كل من يعادي
السامية، أو يفكّر في طرح مغاير لتاريخ المحرقة لهي أمة تكذب على نفسها؛
إذ بأي حق تسلب الإنسان الذي تربيه على حرية التعبير والتفكير، فتجعل
التفكير تهمة والاعتراض جريمة.. ألا سحقاً لعالم منافق يخدع نفسه بنفسه..
أما نحن.. فلا أجد ما أقوله خيرا مما قاله الأستاذ المبدع صلاح جاهين:
اقلع غماك يا تور وارفض تلف..
اكسر تروس الساقية واشتم وتف..
قال بس خطوة كمان وخطوة كمان..
يا اوصل نهاية السكة يا البير تجف..
وألف عجبي...