عاشق حبيب عمرى



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

عاشق حبيب عمرى

عاشق حبيب عمرى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
عاشق حبيب عمرى

ملتقى الصفوه


    الاسم الكامل إنسان.. مصر الإسلامية حقًاً!

    اجمل ذكرى
    اجمل ذكرى
    مدير اداره المنتدى
    مدير اداره المنتدى


    نقاط : 1329
    عدد المساهمات : 310
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010
    العمر : 40
    الموقع : الاداره

    الاسم الكامل إنسان.. مصر الإسلامية حقًاً! Empty الاسم الكامل إنسان.. مصر الإسلامية حقًاً!

    مُساهمة  اجمل ذكرى الأحد 30 مايو 2010 - 22:50

    الاسم الكامل إنسان.. مصر الإسلامية حقًاً! Islamic-01

    إسلامية! إسلامية!
    في فيلم "عمارة
    يعقوبيان" مشهد لرجل دين متشدد -قام بدوره الفنان "محمد الدفراوي"- كان
    يخطب في الناس صائحًا من فوق منبره: "لا نريدها علمانية ولا ديمقراطية ولا
    اشتراكية.. نريدها إسلامية!" فورًا هبّ الشباب يهتفون بحماس جنوني:
    "إسلامية! إسلامية!"

    والحقيقة أن هذا المشهد قد ساهم -مع مشاهد واقعية حضرت بعضها- في استفزاز عقلي للبحث عن معنى "الهوية الإسلامية لمصر".

    من
    اللحظة الأولى تقفز إجابة بديهية منطقية للذهن "ما دام الإسلام هو دين
    أغلب شعب مصر فالدولة إذن إسلامية"، وهي إجابة لها وجاهتها, ولكن ليست
    كافية, فللأمر أبعاد أخرى أعمق, فالإسلام بالنسبة لمصر ليس مجرد دين
    يعتنقه أغلب أهلها, ومصر بالنسبة للإسلام ليست مجرد منطقة دخلها وانتشر
    فيها, فالإسلام كان لمصر علامة فارقة, كما كانت مصر له بنفس المثابة.

    إذن
    فلنتفق أن الأمر أعمق من هتاف حماسي سرعان ما يذوب في حلق صاحبه إذا جربت
    أن تسأله: ما معنى أن تكون مصر إسلامية؟ فغالبًا سيتلجلج وسيجيبك إجابات
    عائمة.. باستثناء هؤلاء الذين يعُون ما يقولون, وهؤلاء في الغالب ليسوا من
    أهل الهتافات والجعجعة

    . الشك العبثي


    الاسم الكامل إنسان.. مصر الإسلامية حقًاً! 03_0


    لم يكن الجدل يوماً حول هوية أشد منه حول الهوية الإسلامية لمصر, مع أنه
    -في رأيي- جدل فارغ؛ فالعبث بعينه هو أن نتذكر فجأة أن نشك في هويتنا
    الإسلامية بعد أكثر من 1300 سنة من الحكم الإسلامي لمصر, وأكثر من 1000
    سنة من تحول الإسلام لدين أغلبية المصريين, وبعد أن مرّت مصر بمختلف
    الأنظمة الحاكمة المنتسبة للنظام الإسلامي من خلفاء راشدين وأمويين
    وعباسيين وطولونيين وإخشيديين وفاطميين وأيوبيين ومماليك وعثمانيين, ثم
    أسرة محمد علي، ومِن بعدها نظام ما بعد ثورة يوليو, وبعد أن ظهرت في مصر
    مدارس فقهية إسلامية أثمرت عن مذهب الإمام الشافعي ومذهب "الليث بن سعد"
    -رضي الله عنهما- وتأسيس الأزهر كمركز للدعوة الشيعية ثم تحوله منذ عصر
    المماليك لمنارة سنية, وبعد أن ساهمت مصر كفاعل قوي في أهم أحداث التاريخ
    الإسلامي منذ فتنة حصار ومقتل "عثمان" إلى التحول لمركز لصد هجمات المغول
    والصليبيين واحتضان الخلافة العباسية بعد أن سقطت في بغداد, ثم محاولة
    قيادة العالم العربي والإسلامي في العصر الحديث, وأن تكون عاصمة مصر ملقبة
    بـ"مدينة الألف مئذنة", بعد كل هذا فإن الشك في هويتنا الإسلامية هو -في
    رأيي- عمل شديد الانفصال عن الواقع.

    لو كانت الهوية الإسلامية
    عبارة عن "جسم غريب" في جسد مصر, كما يدّعي البعض, ما كانت مصر لتتبنى تلك
    الأحداث وتلعب كل تلك الأدوار الإيجابية، ولكان الإسلام "مجرد دين عابر"
    كما جرى مع عقائد الفرس والبطالمة والرومان والبيزنطيين، ولكن اقتحام مصر
    مسار التاريخ الإسلامي واحتلالها مركزًا متميزًا فيه، هو شهادة قوية على
    صدق هويتها الإسلامية. والقول بأن تلك الهوية فرضت نفسها على أسنّة رماح
    وسيوف المسلمين هو قول فيه إهانة للمصريين الأقباط المعاصرين للفتح، فكأنه
    ببساطة يتهمهم بأنهم -وهم الذين لم ينكسروا أمام الرومان والبيزنطيين
    وجبروتهم- قد انكسروا أمام بضعة آلاف من الجنود العرب متوسطي التسليح،
    وهذا بالتأكيد غير منطقي، والمفروض أن تكون مصر أكرم علينا من أن نظنّ
    بشعبها هذا.

    ثمة أمر واقع يقول إن مصر "أثّرت وتأثّرت" بالإسلام،
    وهذا يعطيه الحق أن ينضمّ لهويات المجتمع المصري إلى جوار الهويات القبطية
    والعربية، وغيرها من الهويات المصرية.

    إن التفسير البسيط المباشر
    لتقبل المصريين للوجود الإسلامي هو أن المصري وجد نفسه أخيرًا يعيش وفق
    قانون ينص بصرامة على حريته الدينية "لا إكراه في الدين"، فلم يعد ملتزمًا
    بعبادة الإله المفضّل للفرعون، ولا مجبرًا على الركوع لتمثال القيصر، ولا
    هو محاصر بالتعذيب لاعتناقه مذهبًا مخالفًا لمذهب الدولة المستعمرة.
    والمصري ذكي وذو وعي وشخصية، يستطيع دراسة وفهم ما يرد عليه من أنظمة،
    فيحدد ما يقبله منها وما يلفظه، فوجد نظامًا يحقق له أمانه الديني
    والاجتماعي فتقبّله ببساطة، ولو كان رفضه ما كان المسلمون ليستطيعوا أن
    يجبروه على قبوله، ولو قلبوا عالي الأرض سافلها!


    إسلامية.. كيف؟
    السؤال السليم ليس
    "هل مصر إسلامية؟" بل هو "كيف أن مصر إسلامية؟"، فالمشكلة كلها تكمن في أن
    صورة "الهوية الإسلامية المصرية" ليست واضحة، أو هي صورة مشوّهة متداخلة
    مع صور قاتمة لمجتمعات تعتبر نفسها "نماذج قوية للمجتمع الإسلامي".

    دعونا
    أولاً نتفق على أن "إسلامي" هنا لا ترتبط بالدين بقدر ما ترتبط بالثقافة
    الحياتية، فلو أن فنانًا مسيحيًا أبدع عملاً فنيًا على الطراز الفاطمي
    مثلا، فقد انتمى عمله لـ"الفن الإسلامي"، ولنَقِسْ على ذلك باقي مظاهر
    الحياة، فالهوية هنا إذن ليست مقصورة على المسلمين المصريين، بل إنها تمتد
    لغيرهم، والدليل القوي هو أن فلسفة "موسى بن ميمون" اليهودي محسوبة على
    الفلسفة الإسلامية، والبراعة الطبية لـ"بختشيوع" -طبيب هارون الرشيد-
    محسوبة على الطب عند المسلمين، و"جرجس بن العميد" هو مؤرخ منسوب للثقافة
    الإسلامية رغم مسيحيته. هذا وضع طبيعي ما دمنا نعترف بأن حضارة المسلمين
    الممتدة من الصين للأندلس قد ساهم في بنائها كل من يحملون "جنسية الدولة
    الإسلامية" بغضّ النظر عن عقائدهم.

    نصل من هذا لنتيجة أن الهوية
    الإسلامية لا تهدر ولا تتجاهل ولا تحارب غير المسلمين، بل تتبناهم
    وتعتبرهم من مكوناتها البشرية الهامة. ونستنتج كذلك أن وصف الدولة
    بـ"الإسلامية" يتطلب ما هو أكثر من أن تكون تلك الدولة مطبّقة لأحكام
    الشريعة الإسلامية، بل هو يستدعي أن تكون تلك الدولة متبنية لـ"الثقافة
    الإسلامية ككل".

    المشكلة أن الرافضين للهوية الإسلامية لمصر
    يعتمدون في رفضهم على صورة مشوّهة للمجتمع الإسلامي، فيتخيلون مجتمعًا
    رماديًا قاتمًا تنعزل نساؤه خلف جدران الحرملك، ويسير رجاله مقطبي الجبين،
    وتُمنَع فيه الثقافة، ويحارَب فيه الفن، وتُغلَق فيه العقول. والحقيقة
    أنهم لو أرهقوا أنفسهم بالنظر في التاريخ الإسلامي لوجدوا الصورة مختلفة،
    ولاكتشفوا أن مصدر الصورة المشوّهة لديهم عن المجتمع الإسلامي هو ما جرى
    لمصر منذ نهاية السبعينيات وحتى الآن من استيراد أفكار دينية متشددة
    ومتعصبة ورافضة للآخر من مجتمعات تختلف عنا تمامًا، وتفتقر لما لدينا من
    تنوع ثقافي وديني وعرقي، مما يجعل فكرة "الآخر" بالنسبة لها مشوّشة
    وافتراضية. تلك المجتمعات تعتبر نفسها النموذج المثالي للمجتمع الإسلامي،
    والكارثة أن الرافضين للاعتراف بهوية مصر الإسلامية يأخذون هذا النموذج
    المشوّه كحقيقة واقعة، ولا يكلّفون نفسهم عناء النظر في كتب التاريخ
    الإسلامي المزدحمة بأخبار العلماء والفنانين والمفكرين والحاملين لمشاعل
    النور للإنسانية، مما يجعلني أتساءل.. هؤلاء القوم، ألا يقرأون؟!!!

    الخلاصة
    الاعتراف بالهوية
    الإسلامية لمصر لا يمثل خطرًا على باقي الهويات المصرية والمنتمين لها، بل
    بالعكس، التنكّر لها يهدد باقي الهويات، فرفض الهوية الإسلامية بحجة
    "مدنية المجتمع" يعني أن على الأقباط كذلك التخلي عن هويتهم، وكما نعلم
    فإن الهوية القبطية ليست مجرد هوية دينية، بل هي هوية مرتبطة بالانتماء
    الوطني، مما يعني هدم ذلك الانتماء الذي تكوّن وتراكم وترسّخ عبر آلاف
    السنين، في حين أن الحفاظ على الهوية الإسلامية للمجتمع يعني الإضافة
    للمحتوى الحضاري المصري، والمساهمة في مزج مكوناته للخروج بهوية مصرية
    ثرية مكونة من هويات عديدة داخلية.
    المطلوب فقط هو الذكاء في التعامل
    مع الهوية الإسلامية، وإزاحة كل ما علق بها من غبار التعصب والتشدد
    والتخلف؛ لتعود من جديد نقية كما كانت خلال القرون التي حملت فيها
    المجتمعات الإسلامية مشاعل النور لأرجاء العالم.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 19 مايو 2024 - 8:10