عندما تصبح المرأة متشددة.. بسبب قطعة قماش زائدة
"النقاب".. هذه الكلمة الحساسة.. يكثر فيها الكلام وتتعدد حولها الآراء وتختلف إزاءها الاتجاهات..
• هذه ظاهرة جديدة على مجتمعنا وردت إلينا مع الزحف السلفي الوهابي..
• بلدنا بلد معتدل، يكره "التطرف" و"التشدد"، ويأبى "المغالاة"..
• تكرار حوادث الاختطاف والسرقة التي تقوم بها منتقبات يجعل من الضروري أن نمنع هذه الظاهرة..
• النساء يرتدين النقاب عن عدم اقتناع إما إرضاء للزوج أو الأب..
• التي ترتدي النقاب تسيء إلى سمعة النقاب بأن تفعل أفعالا لا تليق بالنقاب الذي ترتديه..
هل
صبئت المرأة إذا ارتدت النقاب؟؟!! وهل هي عميلة للتيار السلفي الوهابي،
وامتداد للنظرة المتطرفة المتشددة المغالية فقط لأنها غطت وجهها؟؟ سؤال
أسأله لكل عاقل منصف..
الحكم الشرعي الذي أعرفه وأقتنع به هو أن
الواجب على المرأة تغطية جميع جسدها عدا الوجه والكفين بملابس فضفاضة غير
شفافة بحيث لا تصف جسدها ولا تشفّ عما تحتها، ولها الفضل في أن تستر وجهها
إذا كان لها من جمال الوجه ما قد يوقع الفتنة في نفوس الناس، كما أنه من
سياق التشريع الإسلامي أن الفضل إذا أحدث ضرراً فتركه لتلافي الضرر أولى،
فإذا أَمِن الضرر فللمرأة الحرية في ارتداء ما شاءت مما لا يخالف الشرع،
وهذا للإنسان عامة..
إذا خلعنا عمامة الفقيه هذه ودخلنا في موضوعنا
مباشرة فإنني أعتقد أن المسألة بين الفريقين المتجادلين المهاجمين منهم
للنقاب و"المحموقين" منهم على النقاب تتجاوز الحكم الفقهي، فهل يخرج
الكتاب والصحفيون والمسئولون مبينين أن النقاب ليس من الشريعة وأن الفرض
هو كشف الوجه محدثين كل هذه "الهيصة" من أجل إحقاق الحق والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر؟؟ وهل يخرج الملتحون والمحدّثون والدعاة مسلحين بأدلة
العلماء وفتاوى المشايخ من أجل دحض الباطل والدفاع عن ثغرات الإسلام
والذود عن حدود الشريعة؟
على بلاطة فإنني أشك في كل ذلك؛ فإن ما يُخرِج الفريقين معا هو شيء آخر تماما غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
كل
يوم يخرج علينا رأي يكرر ويعاد سماعه من أن ظاهرة النقاب صدّرت إلينا مع
الغزو السلفي الذي حمل مشاعله أبناؤنا العائدون من دول النفط مشبعين
بالأموال والأفكار المتشددة من لحية ونقاب وجلباب قصير وغير ذلك، وهذا
التحليل في رأيي مجرد حفاظ على المكتسبات العلمانية التحررية التقدمية
التنويرية التي حققت نجاحات واسعة في بلادنا في النصف قرن الأخير ليعود
النقاب والجلباب واللحية ليثير العداء القديم، ويتسع ليهدد هذا النفوذ..
يعزز
هذا الاتجاه رأيه بأن ظاهرة النقاب هذه ظاهرة حديثة على مجتمعنا، ويتبنى
رؤية أتباع "الدين الجديد" الذي لم نره في آبائنا وأجدادنا، ويفرّق بين
الوالد وولده والزوج وزوجته.. فيرى أن البنت التي ترتدي النقاب هذه بنت
غير كل البنات، فإما أن لها طموحات وأهدافاً خفية وبالتأكيد منضمة في خلية
لقلب نظام الحكم، أو أنها تسعى لنشر مذهب الرجعية، أو أنها لا تفكر أصلاً
ولا تملك عقلية سليمة، أو أنها مضطرة مرغمة على هذه الخيمة التي ترتديها،
بأوامر الرجل المتخلف؛ ليجعلها متأخرة عن مجتمعها، متوارية خلفه دائما..
الغريب
أن هذه النظرة وهي تصدر من أئمة الحرية الشخصية تفتقر لأول أبجديات الحرية
الشخصية، متمثلة في عدم إتاحة الفرصة لأي أحد أن يرتدي ما شاء وأن يعبر عن
رأيه كما يشاء، فلماذا يصدر الحكم غيابياً على إنسان من مظهره الخارجي، بل
ويعمّم هذا الحكم على المجموع مما ينفي الحيادية والحوار مع الآخر وتقبل
الرأي الآخر وعدد كبير من اللافتات والشعارات التي تزين الجدران والصفحات
ولا تنفذ إلى العقول وتترجم إلى عقائد فعلية..
إذا كان النقاب
ظاهرة شاذة في مجتمعنا طرأت عليه فجأة مما يدل على مخطط -من وجهة نظر من
يسخرون من عقلية المخطط- فلِمَ لمْ تُفسر ظاهرة ارتداء البنطلونات الجينز
وقصات الشعر الغربية بتفسير احتلالي مقارب؟؟
هناك من يقولون إن
النقاب يسمح للمرأة -أو ربما الرجل ولم لا- بإخفاء الوجه مما يمكنها -أو
يمكنه- من ارتكاب جرائم الاختطاف والسرقة وإخفاء أسلحة ومخدرات -وعيال
صُغننين وربما دبابات وصواريخ وقنابل فوسفورية- وأنا أنضم تماما لهذا
الرأي مطالبا بمنع لبس الجواكت، أو الملابس الفضفاضة أو زي رجال الشرطة؛
لأنه يستخدم عادة في نفس الجرائم -من قبل محتالين يرتدون زي الشرطة لا
رجال شرطة بجد لا سمح الله..
نخلص مما سبق إلى أن الحملة المركّزة
والمتتابعة على النقاب تفتقر للحيادية والتوازن، وتظهر انحيازا كبيرا
لصالح النموذج الغربي، حفاظاً على المكتسبات العلمانية لأنصار هذا التيار.
على
الجانب الآخر نرى من أصحاب التيار المضاد هجوماً غير عادي على مخالفيهم من
حليقي اللحية أو كاشفات الوجه أو مرتدي الزي الإفرنجي -المكون من قطعتين
جاكت وبنطال وربما عقدة "كرافتة يعني"- وهل هذا من أجل الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، أم إنه انتصار لرمز وشعار لتيار بعينه..
المتابع
لموقف دعاة التيار السلفي في مصر وخارجها من قضية النقاب يجد شراسة في
الدفاع وتجاهلا لآراء المخالفين، وبذلا لكثير من الوقت والمجهود في إثبات
فرضية النقاب، ورغم كثرة الفروض الأخرى المهدرة فإننا نجد أن هذه القضية
بالذات قضية حياة أو موت..
فلماذا "يحتال" دعاة السلفية -إذا صح الوصف- لإلباس النقاب ثوب الفرضية؟
مثل
هذا الإصرار، و"التحايل"، يُخرج الأمر من حيز الدعوة إلى الله إلى دائرة
الحفاظ على المكتسبات السلفية، فلو كان هذا الأمر لله لتم التركيز مثلاً
على قضايا أهم وأعم وألصق بحياة المسلمين، ولو كان لله لوُضِع في الاعتبار
الخلاف الواضح منذ القدم بين علماء المسلمين في وجوب النقاب من عدمه..
وهكذا
نجد أن معظم المهاجمين والمدافعين لم يخرجوا دفاعاً عن دين، ولا حفاظاً
على هوية، بل خدمة لمشروعات فكرية؛ وآراء فئوية تخدم التيارات التي
يمثلونها، فابتعدت بجميعهم عن الصواب..
يبقى فقط أن نشير إلى هذه
القطعة التي يتنازع عليها الطرفان.. إلى هذا المهاجَم / المدافَع عنه، هذا
المنبوذ / المرحَّب به، هذا الخطأ / الصواب.. إلى هذه المنتقبة التي تقف
بين الجيشين..
رأيت من خلال معرفتي المتواضعة جداً أن معظم
الكارهين للنقاب ومصدري الأحكام عليه يفتقدون في اتهاماتهم المعرفة
الكاملة بهذا النقاب، ويجهلون حقيقة هذه المنتقبة التي يُلبسونها -ظلماً
وعدواناً- تهم المغالاة والتآمر والإجرام، فلو كان لأحدهم اقتراب بهذا
النموذج لاكتشف أن هذه الفتاة أو هذه الزوجة أو هذه الأم لا تعتبر فئة
بعينها يمكن الحكم عليها مجتمعة أو اعتبارها شريحة مستقلة.. بل إنها امرأة
عادية جدا، ربما تكون متحضرة وربما تكون متأخرة، ربما تكون عاقلة أو
متخلفة، مثقفة أو جاهلة، حسب العوامل التي شكّلتها كأنثى عقلياً وسلوكياً
كغيرها من الإناث لا أكثر ولا أقل..
من هؤلاء من تأثرت بكلام شيخ
تحبه فارتدت النقاب.. ربما تكون مجرمة بطبعها فرأت أن النقاب قد يخفي
جرائمها.. ربما تكون تأثرت بشخصية أمها المنتقبة فلما كبرت أحبت أن تقلدها
في لبسها.. ربما تكون قبيحة فارتدت النقاب لتخفي وجهها عن الناس.. ربما
تكون اقتنعت بأنه فرض.. ربما تكون ارتدته إرضاء لزوج.. ربما تكون ارتدته
حين سئمت من "بحلقة" الناس في وجهها في مجتمع انعدم فيه الحياء.. ربما...
ربما... أي سبب يطرأ على أي فتاة في الدنيا في كل أحوالها..
المهم
والذي يعنينا في هذا الإطار ألا نخصّ هذه المنتقبة باللوم الدائم والاتهام
اللازم والتقريع المستمر، مما يضغط على أعصابها باستمرار، وتشعر بعداء
المجتمع لها؛ لأنها ارتكبت جريمة الاختيار، فيكون ظلما بيّنا أن نظل نضغط
على أعصاب إنسان ما وننبذه اجتماعياً ونحمله ما لا يطيق من التهم ونصفّي
على حساب حريته حساباتنا مع عدو قديم..
• هذه ظاهرة جديدة على مجتمعنا وردت إلينا مع الزحف السلفي الوهابي..
• بلدنا بلد معتدل، يكره "التطرف" و"التشدد"، ويأبى "المغالاة"..
• تكرار حوادث الاختطاف والسرقة التي تقوم بها منتقبات يجعل من الضروري أن نمنع هذه الظاهرة..
• النساء يرتدين النقاب عن عدم اقتناع إما إرضاء للزوج أو الأب..
• التي ترتدي النقاب تسيء إلى سمعة النقاب بأن تفعل أفعالا لا تليق بالنقاب الذي ترتديه..
هل
صبئت المرأة إذا ارتدت النقاب؟؟!! وهل هي عميلة للتيار السلفي الوهابي،
وامتداد للنظرة المتطرفة المتشددة المغالية فقط لأنها غطت وجهها؟؟ سؤال
أسأله لكل عاقل منصف..
الحكم الشرعي الذي أعرفه وأقتنع به هو أن
الواجب على المرأة تغطية جميع جسدها عدا الوجه والكفين بملابس فضفاضة غير
شفافة بحيث لا تصف جسدها ولا تشفّ عما تحتها، ولها الفضل في أن تستر وجهها
إذا كان لها من جمال الوجه ما قد يوقع الفتنة في نفوس الناس، كما أنه من
سياق التشريع الإسلامي أن الفضل إذا أحدث ضرراً فتركه لتلافي الضرر أولى،
فإذا أَمِن الضرر فللمرأة الحرية في ارتداء ما شاءت مما لا يخالف الشرع،
وهذا للإنسان عامة..
إذا خلعنا عمامة الفقيه هذه ودخلنا في موضوعنا
مباشرة فإنني أعتقد أن المسألة بين الفريقين المتجادلين المهاجمين منهم
للنقاب و"المحموقين" منهم على النقاب تتجاوز الحكم الفقهي، فهل يخرج
الكتاب والصحفيون والمسئولون مبينين أن النقاب ليس من الشريعة وأن الفرض
هو كشف الوجه محدثين كل هذه "الهيصة" من أجل إحقاق الحق والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر؟؟ وهل يخرج الملتحون والمحدّثون والدعاة مسلحين بأدلة
العلماء وفتاوى المشايخ من أجل دحض الباطل والدفاع عن ثغرات الإسلام
والذود عن حدود الشريعة؟
على بلاطة فإنني أشك في كل ذلك؛ فإن ما يُخرِج الفريقين معا هو شيء آخر تماما غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
كل
يوم يخرج علينا رأي يكرر ويعاد سماعه من أن ظاهرة النقاب صدّرت إلينا مع
الغزو السلفي الذي حمل مشاعله أبناؤنا العائدون من دول النفط مشبعين
بالأموال والأفكار المتشددة من لحية ونقاب وجلباب قصير وغير ذلك، وهذا
التحليل في رأيي مجرد حفاظ على المكتسبات العلمانية التحررية التقدمية
التنويرية التي حققت نجاحات واسعة في بلادنا في النصف قرن الأخير ليعود
النقاب والجلباب واللحية ليثير العداء القديم، ويتسع ليهدد هذا النفوذ..
يعزز
هذا الاتجاه رأيه بأن ظاهرة النقاب هذه ظاهرة حديثة على مجتمعنا، ويتبنى
رؤية أتباع "الدين الجديد" الذي لم نره في آبائنا وأجدادنا، ويفرّق بين
الوالد وولده والزوج وزوجته.. فيرى أن البنت التي ترتدي النقاب هذه بنت
غير كل البنات، فإما أن لها طموحات وأهدافاً خفية وبالتأكيد منضمة في خلية
لقلب نظام الحكم، أو أنها تسعى لنشر مذهب الرجعية، أو أنها لا تفكر أصلاً
ولا تملك عقلية سليمة، أو أنها مضطرة مرغمة على هذه الخيمة التي ترتديها،
بأوامر الرجل المتخلف؛ ليجعلها متأخرة عن مجتمعها، متوارية خلفه دائما..
الغريب
أن هذه النظرة وهي تصدر من أئمة الحرية الشخصية تفتقر لأول أبجديات الحرية
الشخصية، متمثلة في عدم إتاحة الفرصة لأي أحد أن يرتدي ما شاء وأن يعبر عن
رأيه كما يشاء، فلماذا يصدر الحكم غيابياً على إنسان من مظهره الخارجي، بل
ويعمّم هذا الحكم على المجموع مما ينفي الحيادية والحوار مع الآخر وتقبل
الرأي الآخر وعدد كبير من اللافتات والشعارات التي تزين الجدران والصفحات
ولا تنفذ إلى العقول وتترجم إلى عقائد فعلية..
إذا كان النقاب
ظاهرة شاذة في مجتمعنا طرأت عليه فجأة مما يدل على مخطط -من وجهة نظر من
يسخرون من عقلية المخطط- فلِمَ لمْ تُفسر ظاهرة ارتداء البنطلونات الجينز
وقصات الشعر الغربية بتفسير احتلالي مقارب؟؟
هناك من يقولون إن
النقاب يسمح للمرأة -أو ربما الرجل ولم لا- بإخفاء الوجه مما يمكنها -أو
يمكنه- من ارتكاب جرائم الاختطاف والسرقة وإخفاء أسلحة ومخدرات -وعيال
صُغننين وربما دبابات وصواريخ وقنابل فوسفورية- وأنا أنضم تماما لهذا
الرأي مطالبا بمنع لبس الجواكت، أو الملابس الفضفاضة أو زي رجال الشرطة؛
لأنه يستخدم عادة في نفس الجرائم -من قبل محتالين يرتدون زي الشرطة لا
رجال شرطة بجد لا سمح الله..
نخلص مما سبق إلى أن الحملة المركّزة
والمتتابعة على النقاب تفتقر للحيادية والتوازن، وتظهر انحيازا كبيرا
لصالح النموذج الغربي، حفاظاً على المكتسبات العلمانية لأنصار هذا التيار.
على
الجانب الآخر نرى من أصحاب التيار المضاد هجوماً غير عادي على مخالفيهم من
حليقي اللحية أو كاشفات الوجه أو مرتدي الزي الإفرنجي -المكون من قطعتين
جاكت وبنطال وربما عقدة "كرافتة يعني"- وهل هذا من أجل الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، أم إنه انتصار لرمز وشعار لتيار بعينه..
المتابع
لموقف دعاة التيار السلفي في مصر وخارجها من قضية النقاب يجد شراسة في
الدفاع وتجاهلا لآراء المخالفين، وبذلا لكثير من الوقت والمجهود في إثبات
فرضية النقاب، ورغم كثرة الفروض الأخرى المهدرة فإننا نجد أن هذه القضية
بالذات قضية حياة أو موت..
فلماذا "يحتال" دعاة السلفية -إذا صح الوصف- لإلباس النقاب ثوب الفرضية؟
مثل
هذا الإصرار، و"التحايل"، يُخرج الأمر من حيز الدعوة إلى الله إلى دائرة
الحفاظ على المكتسبات السلفية، فلو كان هذا الأمر لله لتم التركيز مثلاً
على قضايا أهم وأعم وألصق بحياة المسلمين، ولو كان لله لوُضِع في الاعتبار
الخلاف الواضح منذ القدم بين علماء المسلمين في وجوب النقاب من عدمه..
وهكذا
نجد أن معظم المهاجمين والمدافعين لم يخرجوا دفاعاً عن دين، ولا حفاظاً
على هوية، بل خدمة لمشروعات فكرية؛ وآراء فئوية تخدم التيارات التي
يمثلونها، فابتعدت بجميعهم عن الصواب..
يبقى فقط أن نشير إلى هذه
القطعة التي يتنازع عليها الطرفان.. إلى هذا المهاجَم / المدافَع عنه، هذا
المنبوذ / المرحَّب به، هذا الخطأ / الصواب.. إلى هذه المنتقبة التي تقف
بين الجيشين..
رأيت من خلال معرفتي المتواضعة جداً أن معظم
الكارهين للنقاب ومصدري الأحكام عليه يفتقدون في اتهاماتهم المعرفة
الكاملة بهذا النقاب، ويجهلون حقيقة هذه المنتقبة التي يُلبسونها -ظلماً
وعدواناً- تهم المغالاة والتآمر والإجرام، فلو كان لأحدهم اقتراب بهذا
النموذج لاكتشف أن هذه الفتاة أو هذه الزوجة أو هذه الأم لا تعتبر فئة
بعينها يمكن الحكم عليها مجتمعة أو اعتبارها شريحة مستقلة.. بل إنها امرأة
عادية جدا، ربما تكون متحضرة وربما تكون متأخرة، ربما تكون عاقلة أو
متخلفة، مثقفة أو جاهلة، حسب العوامل التي شكّلتها كأنثى عقلياً وسلوكياً
كغيرها من الإناث لا أكثر ولا أقل..
من هؤلاء من تأثرت بكلام شيخ
تحبه فارتدت النقاب.. ربما تكون مجرمة بطبعها فرأت أن النقاب قد يخفي
جرائمها.. ربما تكون تأثرت بشخصية أمها المنتقبة فلما كبرت أحبت أن تقلدها
في لبسها.. ربما تكون قبيحة فارتدت النقاب لتخفي وجهها عن الناس.. ربما
تكون اقتنعت بأنه فرض.. ربما تكون ارتدته إرضاء لزوج.. ربما تكون ارتدته
حين سئمت من "بحلقة" الناس في وجهها في مجتمع انعدم فيه الحياء.. ربما...
ربما... أي سبب يطرأ على أي فتاة في الدنيا في كل أحوالها..
المهم
والذي يعنينا في هذا الإطار ألا نخصّ هذه المنتقبة باللوم الدائم والاتهام
اللازم والتقريع المستمر، مما يضغط على أعصابها باستمرار، وتشعر بعداء
المجتمع لها؛ لأنها ارتكبت جريمة الاختيار، فيكون ظلما بيّنا أن نظل نضغط
على أعصاب إنسان ما وننبذه اجتماعياً ونحمله ما لا يطيق من التهم ونصفّي
على حساب حريته حساباتنا مع عدو قديم..